الأحد، 14 سبتمبر 2014

8.ثبوت الناسخ والمنسوخ وانكار القرآنيين له

ثم يتمادي أحمد صبحي في عكه فيقول :  وإنما نزل تحريمها اجمالا ضمن تحريم الإثم، ثم نزل التفصيل يؤكد ما سبق،   أما قوله تعالى ﴿يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىَ حَتّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ﴾ (النساء 43) فلا شأن لها بالخمر وسكرة الخمر، بل أن كلمة (سكر) و(سكارى) لم تأت فى القرآن عن الخمر، إذ جاءت بمعنى الغفلة عند المشرك فى قوله تعالى ﴿لَعَمْرُكَ إِنّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ (الحجر 72). وجاءت بمعنى المفاجأة عند قيام الساعة ﴿وَتَرَى النّاسَ سُكَارَىَ وَمَا هُم بِسُكَارَىَ﴾ (الحج 2). وجاءت بمعنى الغيبوبة عند الموت فى ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقّ﴾ (ق 19). وجاءت بمعنى الغفلة وعدم الخشوع وغلبة الكسل والانشغال عن الصلاة عند أداء الصلاة فى قوله تعالى ﴿يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىَ﴾ وإذا قام الإنسان للصلاة وعقله غائب وقلبه مشغول بأمور الدنيا فهو فى حالة غفلة ولن يفقه شيئاً مما يقول فى صلاته، لذا تقول الآية ﴿لاَ تَقْرَبُواْ الصّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىَ حَتّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ﴾ ،[ وأقول البنداري : هكذا يلوي هذا الصبحي أعناق النصوص ويحرف معاني الآيات القرآنية حسب غايته ،  فتصوروا أن يكون السكر في الآية بهذا المفهوم الهزلي كما يقول  : (وإذا قام الإنسان للصلاة وعقله غائب وقلبه مشغول بأمور الدنيا فهو فى حالة غفلة ولن يفقه شيئاً مما يقول فى صلاته،) وأقول : أن الآية تنهي عن أن يقرب المؤمن تناول المسكر  في توقيت نزولها ( النساء / 43) أي في أول العهد المدني بعد نزول سورة البقرة وقبل نزول سورة المائدة ، وما المسكر ساعتها غير الخمر ؟؟  وبفرض صحة كلام الصبحي فإن المنهي عنه هو كل ما يحقق الغفلة في الصلاة وبالطبع في أول ما يحدث الغفلة هو الخمر ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }المائدة90 ) فلماذا يلف ويدور ليخرج الخمر من مسببات الغفلة في الصلاة قبل تحريمها  ؟
جاء في مختار الصحاح ما نصه : [سكر] س ك ر: السَّكْرانُ ضد الصاحي والجمع سَكْرَى و َسُكَارَى بفتح السين وضمها والمرأة سَكْرَى ولغة في بني أسد سَكْرَانةٌ و سَكِرَ من باب طرب والاسم السُّكْرُ بالضم و أسْكَرَهُ الشراب و المِسْكيرُ كثير السكر و السِّكَّيرُ بالتشديد الدائم السكر و التَّسَاكُرُ أن يري من نفسه ذلك وليس به و السَّكَرُ بفتحتين نبيذ التمر ، و سَكْرَةُ الموت شدته و سَكَرَ النهر سده وبابه نصر و السِّكْرُ بالكسر العرم وهو المسناة وقوله تعالى {سكرت أبصارنا} أي حبست عن النظر وحيرت وقيل غطيت وغشيت وقرأها الحسن مخففة وفسرها سخرت و السُّكَّرُ فارسي معرب واحدته سكرة ، وجاء في المعجم الوجيز ما نصه : يقال سكر فلان من الشراب سكرا بفتح السين والكاف ، وسكرا بضم السين وسكون الكاف أي غاب عقله وإدراكه ، فهو سكران وهي سكري ، وأسكره الشراب جعله يسكر وأسكر الماء حلاه بالسكر// والسكير : كثير السكر وهي سكيرة و السكر – بسكون الكاف : غيبوبة العقل واختلاطه من الشراب المسكر ، أما السكر بفتح السين وفتح  الكاف هو كل ما يسكر من خمر وشراب ، و نقيع التمر الذي لم تمسه النار قلت وبالجملة فإن مادة ( السين والكاف والراء) تدل لاعلي معني الغفلة الحادثة بسبب يُذهب العقل ، مثل الخمر أو الموت أو هول القيامة أو عذاب الله المهلك للأمم الكافرة ، والمعني في الآية هو ذهاب العقل بالسبب الشائع وقتها وهو الخمر . قال تعالي :  
.[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ ..النساء43_
@ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ }الحج2
 (لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ }الحجر15
(  لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ }الحجر72
 (وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ }ق19]
9- سابعاً: إلغاء حكم آية بحديث بشرى ( [ تعليق البنداري : بيت القصيد فيه هو هل أجيز لهذا النبي حق التشريع فإن كان الجواب بنعم فله أن يقول ما ينسخ قوله بعض أحكام ايات الكتاب ، وإن لا فلا ، وما علمناه من تنزيل ربنا أن محمد قد أعطاه الله تعالي حق التشريع مشفوعا بآيآت أربعٍ : 1_ قوله تعالي (  الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الأعراف157
2_ قوله تعالي (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ] سورة النجم
3_ وقوله تعالي (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ }الطور48]
4_ قوله تعالي : ﴿وَلَوْ تَقَوّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ. لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَمَا مِنكُمْ مّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ (الحاقة 44)
والمقصود أن من كان بأعين الله تعالي فلن يتسرب إليه الهوي أو الشيطان وإذا قال فلن يقول إلا وحيا ، وبذلك وبمجموع هذه الآيات يتبين لنا حق النبي في التشريع وأن هذا الحق قد علمه الله وأمر به وأذن فيه وضمن سلامة ما يشرعه النبي لهذه الأمة بإذنه .وبذلك فله أن يمحو بقوله بعض أحكام آيات الكتاب لأنه مأذون به .  
أما قول أحمد صبحي منصور أن : التجنى على رسول الله بأنه قال كلاماً يخالف القرآن معناه معاداة النبى واتهامه بالكذب على الله، هذا مع أن الله تعالى مدح الرسول بأنه ما تقول على الله شيئاً فى الدين يقول تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ. لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَمَا مِنكُمْ مّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ (الحاقة 44)  [ قلت البنداري هذه من الآيات التي تؤكد صحة أن إذا قال النبي فقوله من عند الله تعالي وليس من عند نفسه وأن قوله هذا ليس كذبا ولا تجنيا علي رب العباد والإيمان بالرسول معناه تبرئته مما هو  خلاف ذلك  ومعناه الإيمان بأن النبى كان فى حيلته متبعاً للوحى فبذلك نزل القرآن يأمره بأن يتبع ما يوحى به الله إليه ويعطيه حق التشريع في المواطن التي أشارت آية سورة الأعراف157/ إليها . وعليه فإن دعوى إلغاء التشريع القرآنى بأحاديث صحيحة النسبة للنبى(صلي الله عليه وسلم)  ينبغى منذ البداية أن نُقر لرسول عليه السلام بحقه فيها ،  ويدفعنا إلى ذلك حب النبى والإيمان به والدفاع عنه من تلك الاتهامات الصبحية  التى تنال من النبى ومن دين الإسلام. ] يقول أحمد الصبحي : والإيمان بالرسول معناه تبرئته من ذلك الزيف المنسوب إليه والذى يخالف التشريع القرآنى، ومعناه الإيمان بأن النبى كان فى حيلته متبعاً للوحى فبذلك نزل القرآن يأمره بأن يتبع ما يوحى به الله إليه. وعليه فإن دعوى إلغاء التشريع القرآنى بأحاديث منسوبة للنبى ينبغى منذ البداية أن نبرئ الرسول عليه السلام منها، ويدفعنا إلى ذلك حب النبى والإيمان به والدفاع عنه من تلك الاتهامات التى تنال من النبى ومن دين الإسلام.[ وأقول البنداري:لقد غاب عن ذاكرة أحمد منصور قول الله تعالي في حق النبي محمد (صلي الله عليه وسلم)  (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الأعراف157)  ؟؟؟ وقوله تعالي : (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }الأعراف158) وقوله تعالي (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }الأحزاب56)  ] فما قول ابن الصبحي في قوله تعالي (يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ.. الأعراف/ 157 ؟؟!!!! ثم يستكمل ابن صبحي وهمه فيقول :  لقد توارث العصر العباسى تشريعات تخالف تشريع القرآن وقد حافظوا على تلك التشريعات المخالفة، وفى سبيلها اخترعوا أحاديث نسبوها للنبى [ تعليق البنداري : سبق  الكلام عن قضية نقل الخبر وقاعدة التحمل والأداء العقلي والنقلي في أول هذا الموضوع فراجعه فإنه قيم ، ومن خلاله أثبتنا وهم أحمد منصور وتأليفه الفاجر الذي لم يقل به إلا هو في زعمه تأليف الأحاديث ضاربا بكل اعتبار عقلي وواقعي وتاريخي وقرآني عرض الحائط ] ، ويستأنف : كى يضعوا لها أسساً تشريعية، ولأنها تخالف النصوص القرآنية كان ادعاء النسخ بمعنى الإلغاء هو السبيل الوحيد لإرساء تلك التشريعات ضمن تشريعات الإسلام، وبذلك أضاعوا تشريعات القرآن أو بتعبيرهم "أصبحت منسوخة" بتلك الأحاديث البشرية.
إلغاء تشريع القرآن فى المحرمات فى الزواج: [ قلت البنداري : والآن تبين افتراءات أحمد صبحي علي سنة نبي الإسلام وتأكد أن أحمد منصورمدفوعا إما بدافع الحقد الدفين المتولد عنده من عقدة نفسية حلها بيد الرحمن أو بدافع العمالة المستترة تحت مسمي القرآنيين للعميل اليهودي بايبس أو كلاهما معا ، ]  ثم يقول : وبعض تلك الأحاديث البشرية كانت فى الأصل آراء فقهية جاء بها القياس الفقهى،[ قلت البنداري : هذا افتراء وكذب بكلام مرسل لا دليل عليه ؟؟] يقول : مثل تحريم ( الجمع بين الزوجة وعمتها أو خالتها)  قياساً على تحريم الجمع بين الزوجة وأختها، ومثل قولهم ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)  [قلت هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) وهو حديث متفق عليه أي رواه البخاري ومسلم وليس كما يزعم الصبحي أنه رأي فقهي وهذه من كذباته وافترآءته علي الله ورسوله وهو الذي يضيع تشريع القرآن جملة وتفصيلا]  ويستأنف كلامه : قياساً على تحريم الزواج بالأم المرضعة والأخت من الرضاع. وبذلك أضاعوا تشريع القرآن فى المحرمات فى الزواج.[ النص النبوي الصحيح هو جزء من التشريع الرباني والتكليف الشرعي  ؟؟]
يقول الصبحي: لقد أحل القرآن الزواج من كل النساء واستثنى (من تزوجها الأب، الأم، البنت، الأخت، العمة، الخالة، بنت الأخ، بنت الأخت، الأم التى أرضعت، الأخت من الرضاع، أم الزوجة التى دخل بها الزوج، من تزوجها الإبن، أخت الزوجة التى فى عصمة زوجها ما لم تسقط العصمة بملك اليمين) وبعد أن ذكر القرآن أولئك المحرمات وأحوالهن بالتفصيل قال ﴿وَأُحِلّ لَكُمْ مّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُمْ مّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾ (النساء 24، ومعناه أن القرآن أحاط المحرمات فى الزواج بسور جامع مانع، جمع كل المحرمات داخل السور ومنع أن يضاف إليهن أو يؤخذ منهن، وخارج هذا السور الجامع المانع يحل للإنسان أن يتزوج من يشاء. وذلك التشريع القرآنى الجامع المانع المحدد القاطع ألغاه تشريع مخالف يحرم ما أحل الله.[ تعليق البنداري : لقد أضاف النبي (صلي الله عليه وسلم) بحق التشريع المعطي إليه وبنص قوله تعالي (يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ.. الأعراف/ 157 ، فما شرعه النبي (صلي الله عليه وسلم) كان ضمن هذا السور القرآني الجامع المانع لأنه بإذن الله تعالي )  ثم يقول صبحي: وعلى سبيل المثال، فإذا أراد رجل أن يتزوج عمة امرأته. فالقرآن يبيح ذلك لأن الجمع بين الزوجة وعمتها وخالتها حلال، بدخل ضمن قوله تعالى ﴿وَأُحِلّ لَكُمْ مّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ ولكن ذلك الحديث يحرم ما أحل الله. وإذا أراد رجل أن يتزوج (خالته من الرضاع) قال له القرآن ﴿وَأُحِلّ لَكُمْ مّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ وقال له الفقه وعلم الحديث أن ذلك حرام لأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب بزعمهم..[ تعليق البنداري : إن التعويل هنا يكون علي حجتين الحجة الأولي هي : هل ثبت نسبة  هذا الحديث الذي يستنكره الصبحي إلي النبي (صلي الله عليه وسلم)  أم هو حديث لم يثبت قوله إلي النبي ، فإذا ثبتت نسبته إلي النبي (صلي الله عليه وسلم)  ، واستقرت هذه النسبة إليه ، تأتي الحجة الثانية والتي يكون التعويل فيها علي هل للنبي (صلي الله عليه وسلم)  الأحقية في التحليل والتحريم والتشريع فإذا كانت الإجابة بنعم في كلتا الحجتين فما الذي يمنع النبي (صلي الله عليه وسلم)  من حقه المشروع في التحريم والتحليل ؟؟ هل هو الصعلوك صبحي منصور أم هم جماعات منكري السنة أم هم القاديانيون أم هم البهائيون أم هم هؤلاء وأولئكم ؟ وكلهم ضالون  متهمون في دينهم محكوم عليهم من سواد المسلمين الأكبر بالخروج عن الإسلام والمروق منه ؟؟]  ويستأنف الصبحي فيقول : وقد يقال لا عبرة بأى تشريع يخالف القرآن خصوصاً إذا كان التشريع القرآنى حاسماً واضحاً جامعاً مانعاً مفصلا.. وذلك كلام حق.. ولكن الواقع أن المسلمين تناسوا تشريع القرآن فى سبيل تلك الأحاديث، والحجة الجاهزة لديهم أن تلك الأحاديث قد "نسخت" أى ألغت تشريع القرآن الواضح الجامع المانع.ثم يقول أيضا : إلغاء تشريعاته فى الوصية لوارث: ومن هذه النوعية تلك الفتوى الفقهية التى ارتدت ثوب حديث نبوى يقول "لا وصية لوارث". وقد جعلوا تلك الفتوى تصادر التشريع القرآنى الذى يبيح الوصية لوارث، وليس يبيح فقط بل يأمر بالوصية لبعض الورثة ويجعل ذلك فرضاً على الإنسان حين يشرف على الموت، إن الله تعالى يقول ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتّقِينَ﴾ (البقرة 180). فالآية تفرض الوصية عند الموت للوالدين إذا كانا معا أو أحدهما على قيد الحياة، وتفرض الوصية للأقارب سواء كانوا ورثة أو لم يكونوا.. ومعروف أن للوالدين نصيباً مفروضاً فى الميراث إلى جانب الوصية، يقول تعالى عن حق الوالدين فى الميراث ﴿وَلأبَوَيْهِ لِكُلّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا السّدُسُ مِمّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لّمْ يَكُنْ لّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلاُمّهِ الثّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلاُمّهِ السّدُسُ﴾ (النساء 11). إذن للوالدين نصيب مفروض فى الميراث ولهما أيضاً نصًيب مفروض فى الوصية ولكن ذلك كله لم يغن شيئاً أمام حديث منسوب زوراً للنبى يقول "لا وصية لوارث"
[ قلت البنداري: هكذا يخرف صبحي منصور ويهذي.فهذا الحديث هو حديث صحيح والزور هو ما يقوله ابن الصبحي منصور ولم ينبثق الحديث من قول رسول الله (صلي الله عليه وسلم)  إلا بعد أن نزلت آية المواريث والتي حولت حق الوالدين والأقربين من مجرد وصية إلي حق مفروض وبهذا الفرض وتحويل الحق من الوصية إلي الفرض في القسمة يكون قد محي حكم الوصية وأزيل تأثيره وما قول رسول الله (صلي الله عليه وسلم)  في ذلك" إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث ."  إلا ترجمة حقيقية لهذه الآية ( آية المواريث ) ، وتبين أن صبحي منصور رجل يتبع هواه ولا يفقه من أمره ذرة شيء !!! ويستأنف صبحي جهله ويقول :  فأسرعوا بإلغاء الحكم فى قوله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتّقِينَ﴾.
وتناسوا ما فى الآية من عبارات الإلزام والتأكيد مثل "كتب عليكم" "حقاً على المتقين".
وتناسوا التفصيل القرآنى الحكيم الذى جاء بشأن الوصية أن من يبدل وصية الموت عقابه شديد عند الله ﴿فَمَن بَدّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنّمَا إِثْمُهُ عَلَى الّذِينَ يُبَدّلُونَهُ إِنّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. وتأتى الآية التالية لتبيح التدخل فى إصلاح الوصية إن كان فيها ظلم ليستقيم العدل، يقول تعالى ﴿فَمَنْ خَافَ مِن مّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ﴾
وتناسوا أن آيات الميراث فى القرآن جعلت تنفيذ الوصية وسداد الديون قبل توزيع الميراث.
وتناسوا أن كلام القرآن عن الوصية جاء بصيغة مطلقة تدل على حق الإنسان فى أن يوصى بوارث أو غير وارث فتقول آية الميراث ﴿مِن بَعْدِ وَصِيّةٍ يُوصِينَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ﴾..
وتناسوا حكمة التشريع القرآنى فى الميراث والوصية، فقواعد الميراث تقوم على أنصبة محددة لا مجال فيها للتعديل أو التبديل، وفيها يتم توزيع التركة بالنصف وبالربع وبالثمن والسدس والثلث هكذا بالتحديد، ومصير من يتعدى تلك الحدود أن يكون خالداً فى النار ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مّهِينٌ﴾ (النساء 13،14). ولكن الوصية يمكن أن يراعى بها الإنسان الظروف الاستثنائية والحقوق الطارئة. [ تعليق البنداري : الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند، وأصحاب السنن، وهو حديث مشهور بين أهل العلم حتى أصبح قاعدة معروفة.  ولفظه كما في الترمذي عن عمرو بن خارجة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب على ناقته فسمعته يقول : " إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث ." قال الترمذي: حديث حسن صحيح. ومعنى الحديث كما جاء في شرح عون المعبود وغيره أن الله تعالى بين نصيب كل ذي حق في آية المواريث، وكانت الوصية قبل نزول آية المورايث واجبة للأقربين، وذلك بآية الوصية التي نسخت بآية المواريث ،
_ أما آية الوصية المنسوخة هي قوله تعالى)  ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ }البقرة180، وحتي تنزيل هذه الآيات لم تكن أحكام المواريث قد نزلت فكان من يموت وله أبناء وأبوين  ، كان الأبناء يستقلون بالمال دون غيرهم برغم وجود قرابة وأبوة ؟  ، ولما جاء الإسلام وفرغ المسلمون من بناء دولتهم وبدؤا في العهد المدني ، أراد الله تعالي أن ينقل الناس مما ورثوه من عادات الجاهلية بقصر مال الأب علي الأولاد دون غيرهم ، ليشرك فيه عنصرين جدد من العنصر البشري القريب إلي الميت ، ففرض الوصية للوالدين والأقربون ، ثم بعد ذلك أعطي الحقوق إلي أهلها بصفة نهائية فأدخل الوالدين في الميراث ، وحض علي إطعام الأقربين من الميراث ، فقال تعالي ( يوصيكم الله ...الآيات التاليات من أول سورة النساء/الآية 11 ، وسورة النساء قد نزلت بعد نزول سورة البقرة بحوالي عام هجري يقل أو يزيد قليلاً،  
* وآية المواريث الناسخة التي نزلت في سورة النساء /11 :  هي ) يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيماً }النساء11 
، أما حجة النسخ فقد توفر لها دليلي النسخ:  وهما التعارض (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ) ( النساء /11)   والتراخي الزمني ؟( نزول سورة النساء بعد نزول سورة البقرة بزمان ؟ فأنت تري أن النسخ قد حدث بالآيات قبل أن يدعمه النبي (صلي الله عليه وسلم)  بالحديث التالي ، والذي إليه يعزي تدعيم  إبطال الوصية للوالدين والأقربون : فالحديث الذي  أخرجه الإمام أحمد في المسند، وأصحاب السنن، وهو حديث صحيح بين أهل الإسلام ،   ولفظه كما في الترمذي عن عمرو بن خارجة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب على ناقته فسمعته يقول : " إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث ." قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
والحق أن الوصية للوارث لا تجوز وإن أجازها سائر الورثة لأن المنع إنما هو لحق الشرع.
وقد ذهب الجمهور إلي  أن الوصية لا تجوز للوارث، ولا في ما زاد على الثلث إلا إذا أجاز ذلك الورثة فتكون جائزة، وهذا بشرط أن يكون الورثة المجيزون لها بالغين عقلاء، ؟ أما الأقربون فقد جاء في قوله تعالي : (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً }النساء8 ) فلم يعد هناك من وصية لوارث ولا لأقربين لفرض حقوقهم في آيات الميراث  بغير صفة الوصية ؟   وسيعيش الصبحي حياة الوهم والوجدان النفسي المتخاذل ، في الأسطر القادمة ليستدل بقصة رآها علي تصور تشريعٍ من وهم خياله ،فإليكموها : قال صبحي منصور : ولتوضيح ذلك أحكى قصة واقعية جاءنى صاحبها يستفتينى، فهو رجل فلاح مكافح استطاع بمساعدة ابنه الأكبر أن يشترى عشرة أفدنة، واستطاع مع ذلك أن يقوم على تعليم ابنه الثانى حتى تخرج، ثم ذهب إلى الخارج وعاد ميسوراً قد اكتنز الأموال وأقام العمارات واشترى الأراضى، هذا فى الوقت الذى استنفذ فيه الكفاح والبلهارسيا صحة الأخ الأكبر وأثقلته رعاية والده وأبنائه الكثيرين.. وجاء الأب العجوز يشكوا جحود ابنه الثانى الذى أخذ ولم يعط، ويريد أن ينصف ابنه الأكبر الذى كافح بأن يكتب له جزءاً من الأرض التى استطاع الأب بمجهود ذلك الابن أن يشتريها، وروى لى الأب أنه ذهب للعلماء فى أمر تلك الوصية فأفتوا له بأنه لا وصية لوارث . وذلك الفلاح يرى بفطرته السليمة أن العدل أن يتميز الأخ الأكبر فى التركة فى مقابل كفاحه ومعاناته، ويرى أن من الظلم أن يتساوى الابن الأصغر مع أخيه الأكبر، وأن الوصية هى التى ستصلح الوضع. وقلت له أن الفطرة السليمة عنده هى التى جاء بها التشريع القرآنى حين جعل الوصية فرضاً مكتوباً ليتم بها إصلاح مثل تلك الحالات حتى يستقيم العدل.[ قلت البنداري:وفي رواية أحمد صبحي منصور وهم كبير ذلك لأن آية الوصية تكلمت علي الوصية من الإبن للوالدين بينما قلبها أحمد صبحي في القصة فجعلها من الأب لإبنه ؟؟ فهذا أول الجهل والوهم الصبحيّ، ثم إن كبر علي الصبحيّ تصور جهد الأبن وتعبه فالأب مخوّل في حياته لمكافئة ابنه الأكبر بجزء مكافيء من حر ماله( قل أو كثر ) في شكل هبة أو عطية ، أو حتي بكل ماله ، فهو وماله كما يريد  لا يتدخل أحدٌ في شأنه إن أراد أن يهب أو يعطي أو يتصدق أو حتي يلقي ماله في البحر  ، فهل حبكت علي الوصية في قصتك المؤلفة يا سي أحمد صبحي  !! ؟؟!!قول أحمد صبحي منصور وبهتانه بقوله : أكذوبة الرجم ألغت تشريعات القرآن فى عقوبة الزنا:  وعقوبة الرجم للزانى والزانية لم تأت فى القرآن، وإن كانت قد جاءت فى التوراة الموجودة لدينا وتأثر المسلمون بذلك فأفاضوا عقوبة الرجم لجريمة الزنا فى حالة الإحصان أو الزواج، وقد انشغل الفقهاء بأحاديث الرجم التى ألغت التشريعات القرآنية الخاصة بعقوبة الزنا، بحيث أصبحت تلك التفصيلات القرآنية مجهولة
[ تعليق البنداري : هذا منتهي التجرء علي الله ورسوله من أحمد صبحي ،  في اتهامه للمسلمين اتهامات مرسلة بالتأليف في الأحاديث والشرع كلما اختلف معهم فيه أحمد صبحي ؟؟]
ويواصل منكر السنة حكايات ضلاله فيقول:وقد جاءت عقوبة الزنا فى القرآن على النحو التالىم ملحوظة الكتابة المظلله بالاسود هي قول منكر السنة صبحي منصور
1_ الزانية والزانى إذا ضبطا فى حالة تلبس، فالعقوبة مائة جلدة أمام الناس، بذلك بدأت سورة النور بافتتاحية ترد على أولئك الذين يتجاهلون وضوح القرآن وبيان تشريعاته، يقول تعالى فى تلك الافتتاحية الفريدة ﴿سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيّنَاتٍ لّعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ﴾ وبعدها قال تعالى مباشرة ﴿الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُواْ كُلّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
2_ ومن الصعب إثبات حالة التلبس فى جريمة الزنا، ومن الصعب أيضاً أن يحدث إقرار بالوقوع فى الزنا ينتج عنه عقوبة الجلد، ولكن من السهل أن يشاع عن امرأة ما بأنها سيئة السلوك، وتتكاثر الشواهد على سوء سمعتها، وحينئذ لابد من عقاب مناسب بعد الإشهاد عليها بأربعة شهود بأنها اللاتى (يأتين الفاحشة) ولكن لم يتم ضبطها، وذلك العقاب ليس الجلد، وإنما هو عقاب سلبى، يكون بمنعها عن الناس ومنع الناس عنها إلى أن تموت أو تتزوج وتتوب، يقول تعالى ﴿وَاللاّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنّ أَرْبَعةً مّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنّ فِي الْبُيُوتِ حَتّىَ يَتَوَفّاهُنّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنّ سَبِيلاً﴾ (النساء 15).
3_ وجاءت تفصيلات القرآن بعقوبة الجارية، إذا وقعت فى الزنا.
فإن كانت الجارية تحت سيطرة سيدها أو يجبرها على ممارسة البغاء فليس عليها عقوبة، إذ أنها لا تملك حرية الاختيار، يقول تعالى ﴿وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصّناً لّتَبْتَغُواْ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَمَن يُكْرِههُنّ فِإِنّ اللّهِ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنّ غَفُورٌ رّحِيمٌ ﴾ (النور 33). وإذا تزوجت الجارية وتحررت من سيطرة مالكها ووقعت فى جريمة الزنا فعقوبتها خمسون جلدة أى نصف ما على المتزوجات الحرائر إذا وقعن فى الزنا ﴿فَإِذَآ أُحْصِنّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ (النساء 25).
4_ وقد تكون الزانية زوجة مطلقة لا تزال فى فترة العدة، ومن حق المطلقة فى فترة العدة أن تظل فى بيت الزوجية، ولكن تفقد هذا الحق إذا وقعت فى الزنا، وحينئذ يكون من حق زوجها أن يطردها ولكن بشرط أن تكون جريمة الزنا مثبتة حتى لا يتاح لزوجها أن يتجنى عليها بالباطل، يقول تعالى عن تلك الزوجة المطلقة ﴿لاَ تُخْرِجُوهُنّ مِن بُيُوتِهِنّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مّبَيّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ﴾ (الطلاق1).) والقرآن يصف الفاحشة بأنها "فاحشة مبينة" أى مثبتة ضماناً لعدم الافتراء بلا دليل.. وعقوبة الطرد هنا تضاف إلى العقوبة الأخرى وهى مائة جلدة.
5_  وهناك عقوبة أخرى لتلك الزوجة المطلقة إذا وقعت فى الزنا بعد الطلاق، وهى أنه من حق الزوج أن يمنعها عن الزواج إلى أن تدفع له بعض ما أعطاه لها فى الصداق أو المؤخر. والشرط أن تكون جريمة الزنا فى حقها مثبتة بالدليل، يقول تعالى ﴿يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النّسَآءَ كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ آتَيْتُمُوهُنّ إِلاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مّبَيّنَةٍ﴾ (النساء 19). والعضل هو منع المرأة من الزواج، والقرآن يحرم العضل إلا فى حالة المطلقة الزانية.. فيجعل من حق الزوج أن يمنعها الزواج إلى أن تعيد له بعض ما دفعه إليها فى المهر.
6_  وفى كل الأحوال فالمرأة الزانية التى لا تتوب عن الزنا لا يتزوجها المؤمن، وتلك عقوبة أخرى إضافية، يقول الله تعالى ﴿الزّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾(النور 3.
7_ وتأبى تفصيلات القرآن إلا أن تضع عقوبة للزنا فى حالة استثنائية ومستبعدة، وهى افتراض وقوع نساء النبى أمهات المؤمنين فى تلك الجريمة، وهنا تكون العقوبة مائتى جلدة فى تلك الجريمة، أى ضعف ما على النساء الحرائر، وفى المقابل فلهن فى عمل الصالحات ضعف ما للمحسنات، يقول تعالى ﴿ياَ نِسَآءَ النّبِيّ مَن يَأْتِ مِنكُنّ بِفَاحِشَةٍ مّبَيّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً. وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنّ للّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً﴾ (الأحزاب 30،31).
ولأن العقوبة هنا مضاعفة كان لابد من كون الجريمة مثبتى أو بالتعبير القرآنى "من يأت منكن بفاحشة مبينة" فالأمر هنا يخص نساء النبى أمهات المؤمنين، وهو أمر فظيع هائل لابد من التثبيت فيه.
8_ والتشريع القرآنى المحكم يصف عقوبة الزنا- التى هى الجلد- بأنها "عذاب". والعذاب يعنى أن يظل الجانى حياً لا يموت، وبتعبير آخر لا محل هنا لعقوبة الرجم التى تعنى الموت.
والقرآن حين تحدث عن عقوبة الزنا قال ﴿الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُواْ كُلّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾ لم يقل الزانى المحصن والزانية المحصنة أو غير المحصنة، وإنما جاء بالوصف مطلقاً "الزانية والزانى" وقدم الزانية على الزانى لأن المرأة هى العامل الأكثر تأثيراً فى تلك الجريمة، بينما قال عن السرقة ﴿وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوَاْ﴾ لأن الرجل هو الأساس والعنصر الغالب فى جريمة السرقة.
والمهم أن عقوبة الزنا مطلقاً هى الجلد ﴿فَاجْلِدُواْ كُلّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾ ووصف القرآن عقوبة الجلد هنا بأنها عذاب فقال ﴿فَاجْلِدُواْ كُلّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ إذن فالجلد هو العذاب
..[ قلت البنداري : وأنقل هنا هذا البحث القيم الذي كتبه عماد الشربيني  بعنوان ؛ دفع شبهات عقوبة الزاني و المرتد لما فيه من جهد رائع وليس استدل بما فيه علي حجية الرجم بقدر ما اريد أن أوجه القاريء إلي أن حجية الرجم ثابتة من القرآن ومن سنة النبي (صلي الله عليه وسلم ) بمقتضي قوله تعالي (  قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ }النور54 وقوله تعالي (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }النساء80 .  يقول عماد الشربيني: أولاَ : حد الزنــا :
أ – التعريف به : هو حد الجناية على الفرج ، وهو حد حاربته الشرائع السماوية كافة وحرمت الوسائل المؤدية إليه تحريماً قاطعاً باتاً ، وشددت العقوبة على مرتكبيه .
قال تعالي : ( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً )  والنهي عن قربان الزنا أبلغ من مجرد فعله ، وهو نهي يشمل كل مقدماته ، ودواعيه ووسائله الموصلة إليه ، وهي في عالم اليوم أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر !
قال تعالي في عقوبة الزاني في الآخرة :( والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقي أثاماَ يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناَ )
وإذا كانت عقوبته في الآخرة مضاعفة ، فهي في الدنيا مضاعفة أيضاً قال تعالي : والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين )  
حكمة الجلد للزاني :  وعقوبة الجلد هنا في الآية الكريمة على ما فصلته السنة النبوية ، هي لمن زنا وهو غير محصن ، وهي عقوبة تتجلى فيها حكمة الخالق عز وجل . لأنه إذا كان الباعث على الزنا هو اللذة وإشباعها ، كان الصارف لهذا الباعث في تشريع القرآن العادل إنما هو الألم الحسي بالجلد ، والألم المعنوي بمشاهدته وهو يجلد , ليشعر المذنب أنه لا قيمة للذة يعقبها ذلك الألم الشديد الحسي والمعنوي .  ومن المعلوم أن في الإنسان غريزتين :
غريزة حافزة دافعة ، وغريزة مانعة كافة والغلبة لأقواهما سلطاناً لذا فقد عني الشارع الحكيم بتقوية سلطان المانع بما شرعه من عقوبة حاسمة لو تصورها الإنسان على حقيقتها لانكمش الدافع للجريمة المعاقب عليها بتلك العقوبة  0                                                                 ب –بيان السنّة لحد الزنا : جاءت السنة النبوية مؤكدة ومبينة لما جاء في القرآن الكريم من حد الزنا فبين النبي (صلي الله عليه وسلم ) أن جلد الزاني في الآية الكريمة إنما هو لمن زنا وهو غير متزوج ، ويضاعف على عذابه بالجلد , نفيه سنة , كما بين النبي (صلي الله عليه وسلم ) حد من زنا وهو متزوج , بأنه ضعف غير المتزوج بالرجم . وما يزعمه أعداء السنة النبوية من مخالفة البيان النبوي في حد الزاني للقرآن الكريم زعم لا أساس له من الصحة ، فذلك البيان النبوي صح متواتراً في سنته المطهرة وسيرته العطرة .  وهو بيان إلهي لقوله تعالي : ( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ) وقوله عز وجل : (  فإذا قرأناه فاتبع قرءانه ثم إن علينا بيانه ) وهذا البيان الإلهي واجب على النبي (صلي الله عليه وسلم ) تبليغه ، كما أنه واجب على الأمة إتباعه لقوله تعالي : وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه ( وقوله سبحانه : فلا وربك ليؤمنون حتى يحكٍّموكً فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما ) . وعلى ما سبق فهذا البيان النبوي هو حكم الله في كتابه العزيز لقوله :لوالد الزاني لامرأة الرجل الذي صالحه على الغنم والخادم : والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله ، الوليدة والغنم رد . وعلى ابنك الجلد مائة ، وتغريب عام ، واغد يا أنيس ! إلي امرأة هذا 0 فإن اعترفت فارجمها )) قال : فغدا عليها ، فاعترفت ن فأمر بها رسول الله (صلي الله عليه وسلم )  فرجمت 0
قال الحافظ بن حجر: المراد بكتاب الله ما حكم به ، وكتب على عباده وقيل المراد القـرآن وهو المتبادر .
قال أبو دقيق العيد: الأول أولي ، لأن الرجم والتغريب ليسا مذكورين في القرآن إلا بواسطة أمر الله باتباع رسوله 0
قيـل : وفيما قال نظـر ؛ لاحتـمال أن يكون المـراد متضـمناً قوله تعالي :( أو يجعل الله لهـن
سبيـلاً ) .. ..
فبين النبي (صلي الله عليه وسلم )  : أن السبيـل جـلد البكـر ونفيـه , ورجـم الثيـب .
قال ابن حجر : وهذا أيضاً بواسطة التبيين ، ويحتمل أن يراد بكتاب الله الآية التي نسخت تلاوتها وهي : (( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم )).

وهذه الآية المنسوخة تلاوة ، الباقية حكماً هي التي قال فيها عمر بن الخطاب  وهو جالس على منبر رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) : (( إن الله قد بعث محمداً (صلي الله عليه وسلم )  بالحق وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل عليه آية الرجم ، قرأناها ، ووعيناها ، وعقلناها ، فرجم رسول الله (صلي الله عليه وسلم )  ورجمنا بعده ، فأخشى أن طال بالناس زمان ، أن يقول قائل : ما نجد الرجم في كتاب الله ، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنا إذا أحصن ؛ من الرجال والنساء إذا قامت البينة ، أو كان الحَبَلْ، أو الإعتراف )) 
 تواتر حد الرجم :  وفي إعلان عمر بالرجم ، وهو على المنبر ، وسكوت الصحابة وغيرهم من الحاضرين عن مخالفته بالإنكار ، دليل على ثبوت الرجم وتواتره  
 فرق قديمة أنكرت الرجم :  وما خشيه عمر   قد وقع ، فانكر الرجم طائفة من الخوارج أو معظمهم ، وبعض المعتزلة ، ويحتمل أن يكون استند في ذلك إلي توفيق   0 ويؤيده رواية أحمد عن ابن عباس قال : خطب عمر بن الخطاب ، فحمد الله ، وأثني عليه فقال (( ألا وإنه سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم ، وبالدجال ، وبالشفاعة ، وبعذاب القبر ، وبقوم يخرجون من النار بعدما امتحشوا ))  
 الرد علي دعوي مخالفة السنة للقرآن في حد الزنا :  يقول الإمام الشاطبي  : رداَ على دعوى مخالفة الرجم والتغريب للقرآن الكريم ، قال : (( هذا اتباع للمتشابه ، لأن الكتاب في كلام العرب ، وفي الشرع يتصرف على وجوه منها الحكم ، والفرض  في قوله تعالي : ( كتاب الله عليكم  (وقال تعالي : ( كتب عليكم الصيام  ) وقال سبحانه: ) وقالوا ربنا لما كتبت علينا القتال () .
فكان المعني : لأقضين بينكما بكتاب الله ، أي بحكم الله الذي شرع لنا ، ولا يلزم أن يوجد هذا الحكم في القرآن ، كما أن الكتاب يطلق على القرآن ، فتخصيصهم الكتاب بأحد المحامل من غير دليل إتباع لما تشابه من الأدلة ))   0 ثم قال الإمام الشاطبي : (( وقوله من زعم (   أن قوله تعالي في الإماء :  ( فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب )    .لا يعقل على ما جاء في الحديث أن النبي (صلي الله عليه وسلم )  رجم ، ورجمت الأئمة بعده   0
لأنه يقتضي أن الرجم ينتصف ، وهذا غير معقول ، فكيف يكون نصفه على الإماء ؟  هذا ذهاباً منهم إلي أن المحصنات هن ذوات الأزواج ، وليس كذلك بل المحصنات هنا المراد بهن الحرائر ، بدليل قوله تعالي : ( ومن لم يستطع منكم طولاًُ أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات )  وليس المراد هنا إلا الحرائر ؛ لأن ذوات الأزواج لا تنكح  .  وتأكيداً على أن حد الأمة نصف حد الحرة (( بالجلد دون الرجم )) سواء كانت محصنة بالتزويج أم !  جاء التقييد في الآية الكريمة في حق الإماء   (فإذا أحصن ) قال تعالي :( فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب
أي على الإماء وإن كن محصنات بالتزويج ، وجوب نصف حد المحصنات (( وهن الحرائر غير المتزوجات )) كما قال الإمام الشاطبي.  فلئلا يتوهم أن الأمة المتزوجة ترجم جاء التقييد في الآية الكريمة . وقد أجمع العلماء على أنها لا ترجم ، وهذا الإجماع قائم على الآية السابقة ، وما ورد في صحيح السنة النبوية الشريفة في تأكيدها وبيانها ، من أحاديث مطلقه في حكم الأمة إذا زنت بالجلد 0 فعن أبي هريرة   قال : سمعت رسول الله (صلي الله عليه وسلم )  يقول (( إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها ، فيجلدها الحد . ولا يثرب عليها . ثم إن زنت ، فليجلدها الحد ، ولا يثرب عليها . ثم إن زنت الثالثة، فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر ))   قلت : إن الرجم والنفي في البيان النبوي يوافق القرآن الكريم فيما ذكره من مضاعفة العذاب ؛ قال تعالي : ( ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثامًا يضاعف له العذاب يوم القيامة ) فكان الرجم عقاب مضاعف ، وأشد لمن زنا وهو متزوج ، مقارنة بمن زني وهو غير متزوج ، حيث أخف عقوبة بجلده ، ومضاعفته بنفيه عام .  وتبدو حكمة التغريب للزاني غير المحصن في أنه " تمهيد لنسيان جريمته ، وإبعاد له عن المضايقات التي قد يتعرض لها ، فهي عقوبة لصالحه أولاً ، ولصالح الجماعة ثانياً والمشاهد حتى في عصرنا الحالي الذي إنعدم فيه الحياء ، أن كثيريين ممن تصيبهم معرة الزنا يهجرون موطن الجريمة مختارين لينأوا بأنفسهم عن الذلة والمهانة التي تصيبهم في هذا المكان .  الرجم من كرهه نظرياَ فسوف يرضي به عملياَ اللهم إلا أن يكون 000 ! وكذلك الرجم : يستهدف إصلاح المجتمع ، وقد استفظعه قوم يرضون به لو كان الزاني قد زنا بمن هي من أهله . فهو وإن كرهه نظرياً ، فسوف يرضي به عملياً ، اللهم إلا أن يكون ديوساً لا غِيرةَ له على أهله ، وإباحياً لا دين له ، ومثل هذا لا وزن له عند العقلاء !
وفيما نشاهده أن الناس الأحرار يأبون أي شئ إلا القتل عقوبة للزاني في طرق ملتوية ، وكثيراً ما تكون وسائلها المكر والخديعة والخيانة أو دس السم وغير ذلك ، دون أن يفرقوا في حالة الزاني متزوج أم غير متزوج فإذا أراح القـرآن الكريـم الناس ، وأمر برجم الزاني المحصن فقد رحـم الناس من حيث يشعرون أو لا يشعرون   ) .
الرجم هو القتل لا غير , وقوانين العالم كله تبيحه :  وأخيراً : فإن الرجم هو القتل لا غير، وإن قوانين العالم كله تبيح القتل عقوبة لبعض الجرائم ، ولا فرق بين من يقتل شنقاً ، أو ضرباً بالرصاص ، أو رجماً بالحجارة ، فكل هؤلاء يقتل ، ولكن وسائل القتل هي التي فيها الإختلاف .  ثم إن التفكير في الرجم بالحجارة لا يتفق مع طبيعة العقاب ، فالموت إذا تجرد من الألم والعذاب كان من أتفه العقوبات ، فالناس لا يخافون الموت في ذاته ، وإنما يخافون العذاب الذي يصحب الموت .  وقد بلغت آية الزنا الغاية في إبراز هذا المعني حيث جاء فيه ( وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين )
جـ - الرجم من أقدم العقوبات التي عرفتها البشرية : لو رجعنا إلي القرآن الكريم لوجدنا أنه يثبت بأن الرجم من أقدم العقوبات التي عرفتها البشرية .
1- وأول ما يمكن التوقف عنده قصة سيدنا نوح (صلي الله عليه وسلم )  الذي يمكن أن يعد الأب الثاني للبشرية بعد آدم (صلي الله عليه وسلم )  وفي قصته التي يذكر فيها القرآن الكريم جانبَا منها تأتي كلمة (( الرجم )) في قوله تعالي ( قاالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين ) ومما ينبغي أن نلحظه في قوله تعالي ( من المرجومين ) أن حرف الجر (( من )) للتبعيض أي من بعض المرجومين . وفي ذلك دلالة  واضحة على أن قومه كانوا يمارسون رجم من يخالفهم ، وأن الرجم عادة اتخذها قومه في العقوبات .
2- وفي قصة سيدنا لإبراهيم (صلي الله عليه وسلم )  ، وفي حواره مع أبيه قال له أبوه  قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك ) .
3- وفي قصة سيدنا موسى (صلي الله عليه وسلم )  تستوقفنا الآية الكريمة (  وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون ) أي تقتلوني رجماً   .
4- وفي قصة سيدنا شعيب (صلي الله عليه وسلم )  ، وفي دعوته مع قومه وحواره معهم قالوا له (صلي الله عليه وسلم )  ولولا رهطك لرجمناك   ) أي لقتلناك بالرجم وهو شر قتله   ..
5- وهذا ما نجده مع رسل سيدنا عيسي (صلي الله عليه وسلم )  الثلاثة الذين بعث بهم إلي القرية ( إنطاكية ) لهداية أهلها ، ولكنهم رفضوا الهداية ، وهددوهم بالقتل ، قال تعالي على لسانهم : ( لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم ( .
6- وفي قصة أهل الكهف التي قيل إن أحداثها جرت بعد الميلاد ، وردت كلمة الرجم في قوله تعالي: ) إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبـــــدَا (   من كل ما تقدم يمكن استخلاص أن عقوبة الرجم بالحجارة عرفتها البشرية منذ أقدم العصور ، وقد ترسخت عند كثير من الشعوب القديمة على اختلاف أزمانها ، وأماكنها ، وارتضتها ضمن تشريعاتها وقوانينها . 

الرجم عقوبة ثابتة في الشريعة اليهودية والنصرانية :  كما أن هناك استخلاصاً مهماً في كل ما سبق وهو أن الرجم عقوبة ثابتة في حق الزناة في الشريعة اليهودية والمسيحية .  يدل على ما روي في الصحيح عن البراء بن عازب ، قال : ُمرَّ على رسول الله (صلي الله عليه وسلم )  بيهوديِّ مُحَمَّمًا   مجلوداً . فدعاهم   فقال ( هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ ) قالوا نعم ، فدعا رجلاً من علمائهم . فقال (( أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى ! أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ )) قال : لا . ولولا أنك نشدتي بهذا لم أخبرك . نجده الرجم . ولكنه كثر في أشرافنا . فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه . وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد . قلنا تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع . فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم . فقال رسول الله (صلي الله عليه وسلم )  : (( اللهم ! إني أولُ من أحيا أمرك إذا أماتوه )) .
فأمر به فرجم . فأنزل الله عز وجل : ( يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرون يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تأتوه فاحذروا) يقولُ : ائتوا محمداً (صلي الله عليه وسلم )  . فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه . وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا .  فأنزل الله تعالي : (  ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )  ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )
( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون )  في الكفار كلها   .
من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن :  وعن ابن عباس: قال : (( من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب ، قال تعالي : ( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ) .فكان الرجم مما أخفوا )
شبهة أعداء السنة حول آية الرجم المنسوخة تلاوة , والجواب عنها :
ويبقي ما أورده البعض من خصوم السنة النبوية حول الآية المنسوخة التلاوة ، الباقية الحكم (( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم))
أنكروا حكم الآية لاختلاف نظمها مع نظم القرآن الكريم وروعته.
وهذا الإنكار مردود عليهم بالقرآن الكريم في قوله تعالي : ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير )  .
والمنسوخ تلاوة في الآية التي أنكروا حكمها لا يحتمل إلا (( إنساؤُه وهو حذف ذكرها عن القلوب بقوة إلهية )
والمراد أن نص الآية المنسية يزول من الوجود ، ولا يبقي في الذهن منها إلا آثار ، وإنساء النص الذي يدل على الحكم لا يستلزم نسيان الحكم كما هو معلوم 00
فإذا طبق الرسول (صلي الله عليه وسلم )  الحكم بعد ذلك دل على أن الحكم باق غير منسوخ 
والحكمة من رفع التلاوة مع بقاء الحكم :   
 1_ ليظهر بذلك مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلي بذل النفوس بطريق الظن ، من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به ، فيسرعون بأيسر شئ ، كما سارع الخليل بذبح ولده بمنام ، والمنام أدني طريق الوحي ، وأمثلة هذا الضرب كثيرة )
 زد على ما سبق أن الأمر في القرآن وأحكامه إلي الله عز وجل ينسخ ما يشاء مع بقاء النص الذي يستند إليه ، ويبقي ما يشاء مع نسخ أو إنساء النص الذي كان دليلا عليه .
فعن أنس بن مالك  قال : أنزل الله عز وجل في الذين قتلوا ببئر معونة ، قرآناً قرأناه حتى نسخ بعد : ( أن بلغ قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا ، ورضينا عنه )  .
_ وعن أبي موسى الأشعري قال : وإنا كنا نقرأ سورة . كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة . فأنسيتها غير أني قد حفظت منها : لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغي وادياً ثالثاً . ولا يملأ جوف بن آدم إلا التراب . وكنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها . غير أني حفظت منها : يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون . فكتبت شهادة في أعناقكم . فتسألون عنها يوم القيامة )
فهذه الروايات المعتمدة وغيرها ، تؤكد ما قلناه : وهو أن ما نسخت تلاوته أُنسِيَ فلم يبقي منه إلا ذكريات .
فمن قارن بينه وبين القرآن ، قارن بين ما هو غير موجود ، وما هو موجود .
ومن أنكره أنكر ما أثبتت الروايات وقوعه ، وكابر في التاريخ الثابت الموجود !
ومن اعتبر ما بقي منه قرأناً بنصه خالف القرآن بنسخه وإنسائه ، وأتي بما ليس بقرآن موجود ، مدعياً أنه قرآن ! وعلى ما ذكرناه تحمل كل الروايات في هذا المجال .. فإذا قال الصحابي ، قرأنا كذا ، أو توفي الرسول (صلي الله عليه وسلم )  وهن فيما يقرأ من القرآن ، أو قال كنا نقرأ كذا فحفظت منه كذا ، أو قال : فلا أدري من القرآن هو أم لا .
 كل ذلك محمول في قرآن نسي أو نسخ ، ولم يبقي منه إلا بعض المعاني أو بعض الذكريات عبر عنها الصحابي بأسلوبه أو بالمعني ، والرواية بالمعني ليست من القرآن الكريم ! والدليل على ذلك : أن القرآن المجموع حفظاً وكتابةً في عهد النبي (صلي الله عليه وسلم )  ثم في عهد أبي بكر ، ثم في عهد عثمان بن عفان ، لم يختلف فيه حرف عن حرف أو كلمة عن كلمة ، ولا يوجد فيه شئ مما ذكر الصحابة أنه مما كان من القرآن .
ومما يدل على ذلك أنه ما بقي من آثار القرآن المنسوخ لم يشتهر بين الصحابة ، بل حكي كل واحد ما بقي من ذهنه مما كان ، وما دام النص المنسوخ قد أُنسِيَ ، أو ليس موجوداً ، فمجال البحث والدراسة والتفسير والتأويل بالنسبة إليه غير ذي موضوع .  لكن المهم هنا أن كل ما ذكرناه يؤكد أن الآية في قوله تعلي : ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها )  يراد بها الآية من القرآن التي تنزل على الرسول (صلي الله عليه وسلم )  ، وتنسخ تلاوتها ، أو تُنسَي من القرآن ، وهو ما تؤكده الروايات الواردة في ذلك ، ومنها آية (( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما )) .
الحكمة من كراهة النبي (صلي الله عليه وسلم ) كتابة آية الرجم المنسوخة تلاوة:
وهذا الذي قلناه يفسر لنا لماذا كره النبي (صلي الله عليه وسلم )  كتابة آية الرجم السابقة .
إذ كيف يسمح (صلي الله عليه وسلم )  بكتابة شئ منسوخ تلاوة بجوار القرآن الكريم ، وقد نهي (صلي الله عليه وسلم )  عن كتابة أي شئ بجوار كلام الله عز وجل في صحيفة واحدة لئلا يلتبس على من بعده , هل هو من القرآن أم لا (
وليس أدل على ذلك في مسألتنا هذه من قول الصحابي الجليل بن عباس: بعدما سمعت رسول الله (صلي الله عليه وسلم )  يقول : (( لو أن لابن آدم ملء واد مالاً لأحب أن له إليه مثله ؛ ولا يملأ عين بن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب ))  قال : ابن عباس فلا أدري أهو من القرآن أم لا )  فخشية هذا الإلتباس تحمل كراهته (صلي الله عليه وسلم )  كتابة آية الرجم ، ولو كانت آية الرجم بنص تلاوتها ، كما أنزلت أولاً ، ولم تُنْسَيَ ، ولو كان (صلي الله عليه وسلم )  مأموراً بكتابتها، لأمر بكتابتها شأنها شأن آيات الحدود الأخرى .   ومنها ما هو أفظع وأشد من حد الرجم كحد المحاربين الذين يسعون في الأرض فساداً والوارد في قوله تعالي : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) .                                                                          الجواب عن إشكال كراهة النبي (صلي الله عليه وسلم )  كتابة آية الرجم , وهم عمر بكتابتها :  وكراهية النبي (صلي الله عليه وسلم )  كتابة آية الرجم لا يشكل مع قول عمر بن الخطاب   (( إياكم أن تَهْلِكُوا عن آية الرجم ! لا يقول قائل لا نجد حديث في كتاب الله فقد رجم رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) ، ورجم أبو بكر ورجمت ، فوالذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها (( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة )) فإنا قد قرأناه )،فليس الظاهر من كلام عمر مراداً ، وأن كتابة آية الرجم جائز ، وأن المانع له من ذلك قول الناس ! كلا !بل مراده المبالغة والحث على العمل بالرجم /  إذ لا يسع مثل عمر مع مزيد فقهه تجويز كتابتها مع نسخ لفظها .   ويؤيد هذا المراد رواية الترمذي عن عمر قال رجم رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) ، ورجم أبو بكر ، ورجمت ، ولولا أني أكره أن أزيد في كتاب الله تعالي ، لكتبته في المصحف ، فإني خشيت أن تجئ أقوامٌ فلا يجدونه في كتاب الله تعالي ، فيكفرون به ) ،ويؤكد ما سبق من علة كراهة كتابة آية الرجم ، التباس آخر لو كتبت في المصحف , وهو أن العمل بها على غير الظاهر من عمومها )، كما جاء في رواية عمر بن الخطاب قال : لما أنزلت أتيت النبي (صلي الله عليه وسلم )  فقلت : أكتبها ؟! فكأنه كره ذلك ، فقال عمر : ألا تري أن الشيخ إذا لم يحصن جلد ، وأن الشاب إذا زني وقد أحص)                                     الجواب عمن أنكر آية الرجم تلاوة وحكماَ: أما زعم البعض أن الآية ( تلاوة وحكماً ) لم تكن في القرآن ! ولو كانت لطبق الحد على كثيرين من الصحابة، اعتماداً على أن عمر بن الخطاب خطب الناس فقال (( لا تشكوا في الرجم ، فإنه حق ولقد هممت أن أكتبه في المصحف ، فسألت أُبَّيّ بن كعب فقال : أليس أتيتني وأنا أستقرئها رسول الله (صلي الله عليه وسلم )  ، فدفعت في صدري ، وقلت : تستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر ( يقول أحدهم : وهو ما يعني في حال تدوين الآية ، وتطبيق الحد ، وقوع الرجم على أعداد غفيرة من المسلمين زمن الدعوة ) مما يحمل تشكيكاً في ثبوت الحد ، وتشكيكاً في الوقت نفسه بمجتمع الصحابة وتوهيناً للثقة فيهم .  فهذا لا حجة فيه للطاعن في حد الرجم ، لأن عدم التدوين في المصحف لا يعني عدم تطبيق الحد ، لما تواتر في السنة العملية من تطبيق حد الرجم من رسول (صلي الله عليه وسلم )  ، وأصحابه الكرام  من بعد .   كما أنه ليس في كلام عمر ، ما يدل على زعم الزاعم أنه في حالة تطبيق الحد يقع على أعداد غفيرة من الصحابة زمن الدعوة لأن كلمة عمر ((تستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر )) لا تعني صحابة رسول الله (صلي الله عليه وسلم )  الأطهار ، وإنما تعني غيرهم ممن كان معهم زمن الدعوة من المنافقين ، والمشركين ، واليهود  ويحتمل أنها تعني من سيأتي فيما بعد من شرار الناس الذين تقوم عليهم الساعة وهم يتهارجون تهارج الحمر . )  وهذا من حسن الظن بعمر وإلا فهل يظن بمثله أن يطعن في صحابة رسول الله (صلي الله عليه وسلم )  ؟ ! إن كلمة عمر ابن الخطاب  تعني على فرض التسليم بظاهرها أن التهارج فيما بعد سيكون شائعاً وجزاؤه الرجم ، ولكن إن كان هذا التهارج لا بينة عليه بأربعة شهود يرون جريمة الزنا على نحو صريح لا شبهة فيه ، فلا حد حينئذ إلا بالإقرار أو الحَبَلْ .  فالمقصود من كلمة عمر درء الحد مهما أمكن ، فالحدود تسقط بالشبهات ، كما سبق من قوله  (( لأن أخطئ في الحدود بالشبهات ، أَحَبُ إليَّ من أن أقيمها بالشبهات ) .  وكأن عمر يقول لأُبَّيّ بن كعب : كيف تستقرئه آية الرجم أو كيف نكتبها ، وفي ظاهرها التباس في عمومها ؛ وهو عموم ينافي درء الحد بالشبهة ؟ !  وفي ذلك إشارة إلي : (( التخفيف على الأمة بعدم اشتهار تلاوتها وكتابتها في المصحف وإن كان حكمها باقياً ، لأنه أثقل الأحكام وأغلظ الحدود ، وفيه الإشارة إلي ندب الستر ) ،ثم إن تشكيك خصوم السنة النبوية ، ودعاة التنوير الزائف ، في حجية المصدر الذي أقيم على أساسه حد الرجم ، بناء على هذه الآية المنسوخة تلاوة ، الباقية حكماً . هذا التشكيك والإنكار لا يفيد في شئ ،لأن الرجم ثابت بالقرآن كما سبق .. وثابت بالسنة القولية , والعملية المتواترة عنه (صلي الله عليه وسلم )  ، وعن أصحابه رضي الله عنهم من بعده .
فقد اشتهر وتواتر الرجم عن النبي (صلي الله عليه وسلم )  قولاً وعملاً في قصة ماعز والغامدية واليهوديين ، وعلى ذلك جري الخلفاء بعده ، فبلغ حد التواتر .  @@ فعن بريدة بن الحصيب الأسلمى : أن ماعز بن مالك الأسلمى أتي رسول الله فقال : يا رسول ! إني قد ظلمت نفسي ، وزينت ، وإني أريدك أن تطهرني . فَردَّهُ .فلما كان من الغد أتاه فقال : يا رسول الله إني قد زنيت ؛ فرده الثانية . فأرسل رسول الله (صلي الله عليه وسلم )  إلي قومه فقال ( أتعلمون بعقله بأساً تنكرون منه شيئاً ؟ فقالوا : ما نعلمه إلاَّ وفيَّ العقل . من صالحينَا فيما نُري . فأتاه الثالثة فأرسل إليهم أيضاً فسأل عنه فأخبروه : أنه لا بأس به ، ولا بعقله , فلما كان الرابعة حُفِرَ له حفرة ثم أمر به فرجم . ) قال : فجاءت الغامدية فقالت : يا رسول الله إني قد زنيت فطهرني . وإنه ردها فلما كان الغد قالت يا رسول الله لم تَرُدَنِي ؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزاً . فو الله إني لحُبْلَي . قال : (( إمَّا لا ، فاذهبي حتى تلدي )) فلما ولدت أتته بالصبي في خرقهِ قالت :هذا قد ولدته . قال : (( اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه )) . فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز . فقالت : هذا يا نبي الله قد فطمته ، وقد أكل الطعام . فدفع الصبي إلي رجل من المسلمين . ثم أمر بها فحفر لها إلي صدرها , وأمر الناس فرجموها . فيقبل خالد بن الوليد بحجر . فرمي رأسها. فتنطح الدم على وجه خالد فسبها . فسمع رسول الله (صلي الله عليه وسلم )  سبَّه إياها . فقال : (( مهلاً يا خالد ! فوالذي نفسي بيده ، لقد تابت توبة ، لو تابها صاحب مَكْسٍ   لغفر له )) ثم أمر بها فصلي عليها ودفنت  )
الجواب عمن زعم أن الرجم حكم ثابت بالسنة , ولكنه حكم مؤقت :
بقي الرد على من زعم أن الرجم حكم ثابت بالسنة النبوية ، ولكنه حكم مؤقت !
إذ يقول بعضهم بعد أن أقر بثبوت الرجم في السنة النبوية القولية والعملية المتواترة قال : (( ونحن نقول إنه مع ثبوت وقوع حالات الرجم في عهد الرسول , فإن استقصاء هذه الحالات ينتهي إلى أن من الممكن إيقاف هذه العقوبة دون مخالفة للسنة، ومع هذا فإذا أصر دعاة الرجم على أقوالهم فهناك مخرج يقوم على عدم تأبيد بعض أحكام السنة ) وهذا الزعم مبني على مذهبه (( بأن الرسول والخلفاء الراشدون والصحابة أرادوا عدم تأبيد ما جاءت به السنن من أحكام )
ويجاب عن ذلك : بأن تلك الدعوى لا دليل عليها ، ويبطلها كلام رسول الله (صلي الله عليه وسلم)  وسيرة أصحابه الأطهار من بعده . فإذا كان رسول الله (صلي الله عليه وسلم)  أراد عدم تأبيد ما جاءت به السنة النبوية من أحكام :                                                                          1- فعلام إذاً يقرنها مع كتاب الله عز وجل مبيناً أن الإعتصام بها عصمة من الضلال في قوله : (( إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدَا كتاب الله ، وسنة نبيه )
2- وعلام يأمر بتبليغ سنته المطهرة في قوله  (صلي الله عليه وسلم) : (( ألا ليبلغ الشاهد الغائب ، فلعل بعض من أن يبلغه يكون أوعى له من بعض مَن سمعه )
3- وعلام يوصي بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين والعض عليه بالنواجذ عند الإختلاف في قوله (صلي الله عليه وسلم ) : (( فإنه من يعش منكم : فسيري اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ) 
4- وعلام التحذير الشديد من الكذب عليه (صلي الله عليه وسلم) في قوله : (( إن كذباً عليَّ ليس ككذب على أحد فمن كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار . )
5- وعلام يحذر ممن يأتيه الأمر مما أمر به أو نهي عنه فيعترض ويقول : (( بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه ، وما وجدنا فيه حراماً حرمناه . ))   ثم يبين رسول الله (صلي الله عليه وسلم )  أن ما يحرمه بوحي غير متلو مثل ما يحرمه الله عز وجل في قرآنه المتلو قائلاً : (( ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله . )  وذلك التحريم دين دائم إلي يوم القيامة كما سيأتي من قول أئمة المسلمين .
6- وعلام يصف الزائغ عن سنته المطهرة بأنه هالك كما قال (صلي الله عليه وسلم): (( قد تركتكم على البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ) .
فعلام يدل هذا إن لم تكن أحكام السنة حجةً وديناً عاماً دائماً كالقرآن الكريم !   إن كل ما نقلناه هنا من هذه الأحاديث ونحوها كثير بمثابة التصريح من رسول الله (صلي الله عليه وسلم) بأن سنته المطهرة حجة ودين عام دائم ملازم للقرآن الكريم . وهذا ما فهمه الصحابة من رسول الله (صلي الله عليه وسلم) ، فهم أول المخَاطَبين بكتاب الله عز وجل , وفيه الأمر بطاعته (صلي الله عليه وسلم )  والتحذير من مخالفة أمره . قال تعالي : (  فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) فهل هذا الأمر الإلهي بإتباع أمر نبيه (صلي الله عليه وسلم) الوارد في سنته المطهرة أراد به رب العزة ألا يكون ديناً عاماً دائماً كالقرآن ؟؟؟ .  إن القول بهذا طعن في القرآن نفسه ، وفي عالمية الدعوة الإسلامية ؛ ثم إن رب العزة يقسم بذاته المقدسة على عدم إيمان من يُحَكِّم رسوله في كل شأن من شئون حياته ، ومن المعلوم بالضرورة ، أننا نُحَكِّمْ الرسول (صلي الله عليه وسلم )  بذاته وهو حي ، فإذا انتقل الرسول (صلي الله عليه وسلم) إلي الرفيق الأعلى حَكَّمْنَا سنته المطهرة .  على أنه ليس فقط أن نُحَكِّمْ الرسول (صلي الله عليه وسلم )  وسنته ، بل لا بد وأن تمتلئ قلوبنا بالرضا والسعادة بهذا الحكم النبوي ، وأن نخضع له خضوعاً كاملاً مع التسليم التام قال تعالي : (  فلا وربك لا يؤمنون به حتى يُحَكَّمُوكَ فيما شَجَرَ بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) وعلى ذلـك يؤكـد رسول الله (صلي الله عليه وسلم) بقوله : (( لا يؤمن أحـدكم حتى يكـون هواه تَبَـعًا لما جئتُ بهِ ) ولم يخالف في ذلك أحد من أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وسلم) ، ولا يقول بخلاف هذا إلاَّ من جهل طريقتهم في العمل بأحكام الدين ، وكيف كانوا يأخذونها . فالصحابة أجمع وعلى رأسهم الخلفاء الراشدين كانوا يعظمون حديث رسول الله (صلي الله عليه وسلم )  ويحكمونه في كل شأن من شئون حياتهم .
ونحو ذلك روي بن مسعود وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين 0 وبذلك كانت مصادر الأحكام في الصدر الأول هي:
1-القرآن الكريم : وهو المصدر الأول لهذا الدين ، وعمدة الملة , وكانوا يفهمونه
واضحاً جلياً ، لأنه بلسانهم نزل ، مع ما امتازوا به من
معرفة أسباب نزوله .
2-السنة النبوية : وهي المصدر الثاني الملازم للمصدر الأول ، وقد اتفقوا على
اتباعها متي ظفروا بها . فكيف يصح بعد ذلك القول بأن رسول الله(صلي الله عليه وسلم )  وأصحابهم وعلى رأسهم الخلفاء الراشدين أرادوا عدم تأبيد ما جاءت به السنن من أحكام .]

اقرآ بعده 9

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق